کد مطلب:306539 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:220

منزلة علی و فاطمة فی الملکوت


.. اجل سیدتی یا قرة العیون.. ما عسانی اقول سوی كلمات اختلجت فی خواطری و یا لیتها تحل محل اللسان فتفك عقدة الحروف فیه، فتلك الفرحة العظیمة لهی اهل ان تدخل فی الافئدة الحزینة فتوقظ فیها اطیاف السرور.

.. فهذه السماء مبتهجة قد فاض سرورها علی الانام.. فصارت صافیة الزرقة رائعة الجمال، اذ یرافقها الافق الذی ذاب فیها فبدت زاهیة هادئة تفیض بنورها المتألق، و تهلیلات الملائكة تعلو فی ارجائها.. فلطالما انتظرتك سیدتی ملائكتها و حورها، لتزف الیك ابلغ و اسمی التبریكات.

و لطالما اشتاقت شجرة طوبی- التی هی عند سدرة المنتهی- لهذا الیوم العظیم الجلیل.. و لَكَم كن الحور العین ینشدن انغام الفرح فی اعالی الملكوت.

و كم كن ینعمنّ وسط خیال عذب یصور لهن سعادة تلك الساعة التی ستربط (خیر الاوصیاء بسیدة نساء العالمین) [1] .


فارتعدن السموات السبع و نادی مناد من بطنان العرش:

(ایتها الملائكة افرحوا، و یا ایتها الحور العین تزیّن و البسنّ اجمل ما خلق).

.. عند ذلك اهتزت شجرة طوبی.. بعد ان نفد صبرها، لطیفة ما انتظرت هذه اللحظات فناداها اللَّه سبحانه:

(انثری الحلل والدرر والیاقوت) [2] ..

فتمثلت واتسعت اغصانها المتینة الباسقة وانتشر نسیمها فی ارجاء السماء، وافاضت من دررها و حللها و لؤلؤها الاخضر و الابیض و الزبرجد مع الیاقوت الاحمر مع الرطب.

.. فدرن الملائكة، و الحور العین حولها فرحین سعداء بهذا النثار الذی یعلن بدأ احتفال السموات باقتران الزهراء مع المرتضی.. فناداهم ربهم:

(أیتها الروحانیین والكروبیین اجتمعوا تحت شجرة الطوبی والتقطوا نثارها فالیوم زوج اللَّه فاطمة من علی) [3] .

.. فهرع من كان فی السماوات من ملائكة و حور، واخذوا یلتقطون النثار التی افاضت به شجرة الهادین المهدیین.

وها هم یجمعون منه، و یتهادینه بعضاً بعضا و یقلنّ:

(هذا نثار فاطمة و علی).

وها هم مشتغلون بجمعه، (فمن اخذ اكثر من الآخر افتخر به الی یوم القیامة).

.. و هناك یسمع صوت الملك العابد المتهجد، الذی عرف بفصاحته و بلاغته و علمه، یسمی «راحیل» [4] .


.. الذی كان ینتظر هذا الیوم، و هو مشغول فی نظم خطبته الرائعة بمناسبة اقتران علی بفاطمة.

فنصب له منبراً من نور فی جنة الخلد، و أحدق الملائكة بعرش الرحمان، یسمعون خطبته التی القاها فی حق العالمین من الاولین و الآخرین بعد محمد بن عبداللَّه صلی اللَّه علیه و آله و سلم الا و هم:

(علی و فاطمة).

.. اجل بثت السماء افراحها الی الارض التی لا تقل حباً و شوقاً لهذا الیوم.

فأجابتها بشمسها التی تألقت دافئة متكسرة اشعتها الجمیلة علی المروج.. و ایقضت فیها بسمة الربیع.

فالتمع ماء جدولها الذی صار اشبه باللجین و هو ینساب صافیاً رقراقاً نحو المزارع، التی بدأت الریح تُلاعب سیقان سنابلها الرشیقة. فترافق انشودة العصافیر و تعزیدة البلابل.

اجل: سیدتی، تغیرت السماء والارض، كل شی ء فی مدینة الرسول بدی و كأنه رؤیا جمیلة تغفو علیها الجفون.



[1] رواه في حديث طويل: أحمد بن حنبل في سنده ج 6 ص 282، طبقات ابن سعد ج 2 ص 40، أسدالغابة ج 5 ص 522، النسائي ص 34، صحيح البخاري في كتاب الاستئذان، أبونعيم ج 2 ص 39، الطيالسي ج 6، مشكل الآثار ج 1 ص 48- 49، الترمذي ج 2 ص 306، ابن جرير ص 111، ابن عساكر عن حذيفة ج 7 ص 102، مستدرك الصحيحين ج 3 ص 151، حلية الاولياء ج 2 ص 42، و غيرهم.

[2] أسدالغابة ج 2 ص 385، تاريخ بغداد ج 4 ص 210، الخوارزمي، حلية الأولياء ج 5 ص 59، الصواعق ص 103، ابن حجر في اصابته ج 3 ص 134، الرياض النظرة ج 2 ص 184، ذخائر العقبي، ص 32 عن الإمام الرضا عليه السلام أسدالغابة ج 1 ص 206.

[3] بحارالانوار.

[4] رواه: شعيب بن سعد المصري في الروض الفائق، الطبقات الكبري ج 8 ص 11.